زيارة الإمام الحسين -ع- مشياً على الأقدام ، يعدّ من أفضل القربات إلى الله عزّوجلّ ، كما أكّد ذلک ائمّتنا الأطهار :، فانه من أبرز مصاديق هذه الفقرة في دعاء كميل عن أميرالمؤمنين علي -ع- عن الخضر سلام الله عليه (وليت شعري يا سيّدي ومولاي أتسلّط النار على وجوه خرّت لعظمتک ساجدة ... وعلى جوارح
سعت إلى أوطان تعبّدک طائعة ) فمن أوطان التعبّد وأبواب الإيمان : محمّد وآله الطاهرين ، شفعاء الخلق أجمعين .
ثم لمشينا على الأقدام لكلّ المراقد المطهّرة لأئمّتنا الأطهار :، ولاسيّما لسيّد الشهداء-ع- وفي خصوص يوم الأربعين ، دلالات واضحة تعلن عن ولائنا الخالص لأهل البيت :، وتجديد العهد والبيعة منّا له صغاراً وكباراً قلباً وقالباً، شعوراً وشعاراً، بالجوارح والجوانح ، وكلّنا نصرخ ونهتف ليسمع العالم بأجمعه ، إنّنا مع أئمّة أهل البيت :، معهم معهم لا مع عدوّهم ، أجل مع الغائب منهم ومع الحاضر، ونلبّي صرخة الإمام الحسين-ع- التي ردّت يوم عاشوراء (هل من ناصر ينصرني ) فنقول بكلّ وجودنا وحياتنا (لبّيک لبّيک يا حسين ) مهما تباعدت الأزمنة والدهور، وإذا قال ولده المهدي المنتظر الطالب بثاره (يا لثارات الحسين ) فانا نقول بكل اخلاص وفداء (لبّيک لبّيک يا داعي الله وداعي رسوله ) (لبّيک يا حسين ان لم يجبک بدني عند استغاثتک ، ولساني عند استنصارک ، فقد أجابک قلبي وسمعي وعيني وبصري) يا قرّة عيني ، عسى ان نؤدّي جزّء لا يتجزء من حقوقهم المهدورة بهذا المشي المليوني من كلّ أرجاء المعمورة ، وفي كلّ عام في مثل زيارة الأربعين .
.........
عن صفوان بن مهران قال : ان أبا عبدالله جعفر بن محمّد -ع- لمّا قدم إلى الحيرة ، قال لي : هل لک في زيارة قبر الحسين وهل تزوره ؟ فقلت : جعلت فداک وكيف لا أزوره في ليلة الجمعة ، وقلت : يابن رسول الله هل تزوره يوم الجمعة حتّى نتدرک زيارته ؟ قال : نعم يا صفوان ، فأتينا كربلاء، ونزل الصادق -ع- قرية الغاضريّة على ضفة الفرات فاغتسل ولبس ثياب الطهر، وتوجّه ماشياً نحو قبر جدّه أبي عبدالله الحسين -ع- ، وعند وصوله إلى باب الحرم الشريف ، انكبّ على القبر وقال : السلام عليک يا وارث آدم صفوة الله... إلى آخر الحديث .
فكان الإمام الصادق -ع- ولنا فيه اُسوة حسنة وقدوة صالحة ، من أوائل المشاة لزيارة قبر جدّه سيّد الشهداء -ع- وإنّ في زيارته مشياً من الأجر والثواب ، ومن الأسرار وفتح الأبواب ، وقضاء الحوائج والشفاعة ما لا يعلمه إلّا الله سبحانه وتعالى ، وان اللسان ليعجز، والقلم ليكلّ عن بيانه وإحصائه .
فسّلام الله وسلام ملائكته ورسله وانبيائه وأوصيائه وعباده الصالحين على تلک الأقدام الّتي مشيت باخلاص وبحبّ وولاء إلى حرم سيّد الشهداء أبي عبدالله الحسين -ع- . وياليتنا كنا معهم فنفوز فوزآ عظيمآ. اللّهم انّک تعلّم إنا نحبّ ذلک ، فاشركتا في أعمالهم وثوابهم آمين ربّ العالمين .